سورة الأَنْعَام 6/114
سبب التسمية :
سُميت بـ " سورة الأنعام " لورود ذكر الأنعام فيها " َوَجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا " ولأن اكثر أحكامها الموضحة لجهالات المشركين تقربا بها إلى أصنامهم مذكورة فيها ومن خصائصها ما روى عن ابن عباس أنه قال " نزلت سورة الأنعام بمكة ليلا جملة واحدة حولها سبعون ألف ملك يجأرون بالتسبيح" .
التعريف بالسورة :
1) سورة مكية ماعدا الآيات " 20،23،91،93،114،141،151،152،153 " فمدنية .
2) من السور الطول .
3) عدد آياتها165 آية .
4) هي السورة السادسة في ترتيب المصحف .
5) نزلت بعد سورة " الحجر" .
6) تبدأ السورة بأحد أساليب الثناء وهو " الحمد لله " .
7) الجزء "8" ، الحزب " 13،14، 15" ، الربع " 1،2،3،4 " .
محور مواضيع السورة :
سورة الأنعام إحدى السور المكية الطويلة التي يدور محورها حول " العقيدة وأصول الإيمان " وهي تختلف في أهدافها ومقاصدها عن السور المدنية التي سبق الحديث عنها كالبقرة وال عمران والنساء والمائدة فهي لم تعرض لشئ من الأحكام التنظيمية لجماعة المسلمين كالصوم والحج والعقوبات وأحكام الأسرة ولم تذكر أمور القتال ومحاربة الخارجين على دعوة الاسلام كما لم تتحدث عن أهل الكتاب من اليهود والنصارى ولا على المنافقين وإنما تناولت القضايا الكبرى الاساسية لأصول العقيدة والإيمان وهذه القضايا يمكن تلخيصها فيما يلى :
1 ـ قضية الألوهية .
2 ـ قضية الوحي والرسالة .
3 ـ قضية البعث والجزاء .
سبب نزول السورة :
1) قال المشركون : يا محمد خبرنا عن الشاة إذا ماتت من قتلها قال : الله قتلها قالوا : فتزعم أن ما قتلت أنت وأصحابك حلال وما قتل الكلب والصقر حلال وما قتله الله حرام ، فأنزل الله تعالى هذه الآية وقال عكرمة : إن المجوس من أهل فارس لما أنزل الله تعالى تحريم الميتة كتبوا إلى مشركي قريش وكانوا أولياءهم في الجاهلية وكانت بينهم مكاتبة أن محمدا وأصحابه يزعمون أنهم يتبعون أمر الله ثم يزعمون أن ما ذبحوا فهو حلال وما ذبح الله فهو حرام فوقع في أنفس ناس من المسلمين من ذلك شئ فأنزل الله تعالى هذه الآية .
2) قال ابن عباس يريد حمزة بن عبد المطلب وأبا جهل وذلك أن أبا جهل رمى رسول الله بفرث وحمزة لم يؤمن بعد فأُخبِر حمزة بما فعل أبو جهل وهو راجع من قنصه وبيده قوس فأقبل غضبان حتى علا أبا جهل بالقوس وهو يتضرع إليه ويقول : يا أبا يعلي أما ترى ما جاء به سفه عقولنا وسب آلهتنا وخالف اباءنا قال حمزة : ومن أسفه منكم تعبدون الحجارة من دون الله أشهد أن لا اله الا الله لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله فأنزل الله تعالى هذه الآية . جاء به سفه عقولنا وسب آلهتنا وخالف اباءنا قال حمزة : ومن أسفه منكم تعبدون الحجارة من دون الله أشهد أن لا اله الا الله لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله فأنزل الله تعالى هذه الآية .
3) عن عكرمة في قوله " قَدْ خَسِرَ الذينَ قَتَلوا أَولادَهُم سَفَهًا بِغيرِ عِلمٍ " قال نزلت فيمن كان يئد البنات من مضر وربيعة كان الرجل يشترط على امرأته أنك تئدين جارية وتستحيين أخرى فاذا كانت الجارية التي توأد غدا من عند أهله أو راح وقال أنت علي كأمي إن رجعت اليك لم تئديها فترسل إلى نسوتها فيحفرن لها حفرة فيتداولنها بينهن فإذا بصرن به مقبلا دسسنها في حفرتها وسوين عليها التراب .
فضل السورة :
1) عن ابن عباس قال: أنزلت سورة الأنعام بمكة معها موكب من الملائكة يشيعونها قد طبقوا ما بين السماء والارض لهم زجل بالتسبيح حتى كادت الارض أن ترتج من زجلهم بالتسبيح ارتجاجا فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم زجلهم بالتسبيح رعب من ذلك فخَرَّ ساجدا حتى أنزلت عليه بمكة .
2) عن أسماء بنت زيد قالت نزلت سورة الأنعام على النبي أن كادت من ثقلها لتكسر عظام الناقة .
مضمون السورة :
من السور التي يدور محورها حول العقيدة وأصول الإيمان ، وإلى توحيد الله توحيداً خالصاً عن طريقالنظر إلى قدرة الله عزّ وجل وملكوته في الكون ،فهي أكثر سورة تشعرك بمحبة الله من خلال استشعار عظَمَته وقدرته في الكون .
وتتلخص قضاياها فيما يلي:( قضية الألوهية، قضية الوحي والرسالة ، قضية البعث والجزاء).
1- بدأت السورة الكريمة بإقامة الدلائل والبراهين على قدرة الله ووحدانيته ، وتحدّثت الآيات عن استهزاء الأمم السابقة برسلهم وعقاب الله تعالى لهم تحذيراً للمستهزئين من الكفار برسول الله صلى الله عليه وسلم ووعيداً لهم بأن عذاب الله آت ، ثم تبين قدرته تعالى ووحدانيته وعظمته ، من قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ {1}) إلى قوله تعالى : (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ {18})
2- ذكرت الآيات شهادة الله تعالى على صدق نبوة محمد عليه الصلاة والسلام ، ثم ذكر موقف الجاحدين المكذبين للقرآن والوحي وحسرتهم الشديدة يوم القيامة، وتضمنت الآيات دعوة للنبي صلى الله عليه وسلم كي على الأذى وبيّنت أن أمر الهداية بيد الله تعالى ، من قوله تعالى : (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ.. {19}) إلى قوله تعالى : ( ... وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ {35})
3- يبين تعالى سبب إعراض المشركين عن القرآن ، وذلك لأن القرآن نور للمؤمن لكن الكافر بمنزلة الميت الذي لا يسمع أو يستجيب ، ثم تحدّثت عن عقاب الله تعالى للأمم السابقة ، تحذيراً للناس وإنذاراً لهم من أن يتّبعوا سبيل الغيّ والضلال .
من قوله تعالى : (إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ {36} إلى قوله تعالى : (قُل لَّوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللّه أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ {58})
4- ذكرت الأدلة على صفات الله القدسية ومنها : علمه ، وقدرته ، وعظمته ، وجلاله ، وسائر صفات الجلال والجمال ، ثم ذكرت نعمته تعالى على العباد بإنقاذهم من الشدائد ، وقدرته على الانتقام ممن خالف وعصى أمره ، داعية المؤمنين لتقواه والصلاة له وحده سبحانه فإليه يحشر الناس وله الملك وبيده علم الغيب ، من قوله تعالى : (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ.. {59}) إلى قوله تعالى : ( ... وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ {73})
5- ذكر ت قصة أب الأنبياء ( إبراهيم ) عليه السلام لإقامة الحجج على مشركي العرب في تقديس الأصنام فقد جاء بالتوحيد الذي يتنافى مع الإشراك بالله ، وذكرت شرف الرسل من أبناء إبراهيم وأمرت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهديهم الكريم ، ثم انتقلت للحديث اليهود والمشركين الذين حرفوا الكتاب وحالهم عند الموت ، من قوله تعالى : (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ {74}) إلى قوله تعالى : ( ... لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ {94})
6- ذكرت الأدلة الدالة على وجود الخالق وكمال علمه وقدرته وحكمته تنبيهاً على أن المقصود الأصلي إنما هو معرفة الخالق بذاته وصفاته وأفعاله ،وجاء النهي عن سب الذين يعون من دون الله لأن ذلك يدعوهم لسب الله جهلا منهم ، كما بيّنت الآيات طغيان الكافرين وصعوبة إيمانهم وعنادهم فلا يستطيعون اتباع آيات الله ، من قوله تعالى : (إِنَّ اللّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ {95}) إلى قوله تعالى : (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ {110})
7- ذكرت أن رؤية المعجزات لن تفيد من عميت بصيرته ، وأنه لو أتاهم بالآيات التي اقترحوها من إنزال الملائكة ، وإحياء الموتى حتى يكلموهم ، وحشر السباع والدواب والطيور وشهادتهم بصدق الرسول ما آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ولا بالقرآن الكريم لتأصلهم في الضلال ، ودعت الآيات للأكل مما ذكر اسم الله عليه ، ثم ذكرت أن من البشر فريقان : فريق مهتد وآخر ضال ، داعية المؤمنين للثبات على صراط الله المستقيم ، من قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ.. {111}) إلى قوله تعالى : (لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {127})
8- بيّنت أنه سيحشر الخلائق جميعاً يوم الحساب لينال كلّ الجزاء العادل على ما قدم في الحياة ،وبينت جهل المشركين وخرافاتهم تحذيرا منهم وبيانا أنه لا أهلية لهم في القدح بالحق ، وتصرفهم في كثير مما أحله الله لهم من الحرث والأنعام ، من قوله تعالى : (وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ.. {128}) إلى قوله تعالى : (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلاَدَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللّهُ افْتِرَاء عَلَى اللّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ {140})
9- ذكرت امتنانه تعالى على العباد بالرزق الذي تصرفوا فيه بغير إذنه تعالى افتراء منهم عليه واختلاقاً ، ثم أعقبته ببيان أن المشركين سيحتجون على شركهم وتحريمهم ما أحل الله بالقضاء والقدر وأنهم سيجعلون ذلك حجة لهم في دفع اللوم عنهم ، ثم جاءت الآيات ترد ليهم وتبطل شهادتهم ، من قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ... {141}) إلى قوله تعالى : ( ... وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ {150})
10- ذكرت ما حرَّمَهُ تعالى على الكفار من الأمور الضارة ، وذكرت الوصايا العشر التي اتفقت عليها الشرائع السماوية وبها سعادة البشرية ، من قوله تعالى : (قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّم رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً... {151}) إلى قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ {165})
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق